کد مطلب:90502 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:337

خطبة له علیه السلام (15)-فی التزهید فی الدنیا















بِسْمِ اللَّهِ الرِحْمنِ الرَحِیم اَلْحَمْدُ للَّهِ الْخَافِضِ الرّافِعِ، الضّارِّ النّافِعِ، الْجَوَادِ الْوَاسِعِ؛ الْجَلیلِ ثَنَاؤُهُ، الصّادِقَةِ أَسْمَاؤُهُ، الْمُحیطِ بِالْغُیُوبِ، وَمَا یَخْطُرُ عَلَی الْقُلُوبِ.

اَلَّذی جَعَلَ الْمَوْتَ بَیْنَ خَلْقِهِ عَدْلاً، وَ أَنْعَمَ بِالْحَیَاةِ عَلَیْهِمْ فَضْلاً، فَأَحْیَا وَ أَمَاتَ، وَ قَدَّرَ الأَقْوَاتَ.

أَحْكَمَهَا بِعِلْمِهِ تَقَدیراً، وَ أََتْقَنَهَا بِحِكْمَتِهِ تَدْبیراً، إِنَّهُ كَانَ خَبیراً بَصیراً.

هُوَ الدّائِمُ بِلاَ فَنَاءٍ، وَ الْبَاقی إِلی غَیْرِ انْتِهَاءٍ.

[صفحه 205]

یَعْلَمُ مَا فِی الأَرْضِ وَ مَا فِی السَّمَاءِ، وَ مَا بَیْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّری.

اَحْمَدُهُ بِخَالِصِ حَمْدِهِ الْمَخْزُونِ، بِمَا حَمِدَهُ بِهِ الْمَلاَئِكَةُ وَ النَّبِیُّونَ، حَمْداً لاَ یُحْصی لَهُ عَدَدٌ، وَ لاَ یَتَقَدَّمُهُ أَمَدٌ، وَ لاَ یَأْتِی بِمِثْلِهِ أَحَدٌ.

أُؤْمِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ، وَ أَسْتَهْدیهِ وَ أَسْتَكْفیهِ، وَ أَسْتَقْضیهِ بِخَیْرٍ وَ أَسْتَرْضیهِ.

وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ[1].

بَعَثَهُ حینَ لاَ عَلَمٌ قَائِمٌ، وَ لاَ مَنَارٌ سَاطِعٌ، وَ لاَ مَنْهَجٌ وَاضِحٌ.

أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدّینِ كُلَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[2]. صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ[3].

أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ، وَ أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْیَا، فَإِنَّ عَیْشَهَا قَصیرٌ، وَ خَیْرَهَا یَسیرٌ، وَ إِنَّ[4] هَا دَارُ شُخُوصٍ، وَ مَحَلَّةُ تَنْغیصٍ، سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ، وَ قَاطِنُهَا بَائِنٌ.

تَمیدُ بِأَهْلِهَا مَیَدَانَ السَّفینَةِ تُصَفِّقُهَا[5] الْعَوَاصِفُ فی لُجَجِ الْبِحَارِ.

فَمِنْهُمُ الْغَرِقُ الْوَبِقُ.

وَ مِنْهُمُ النَّاجی عَلی مُتُونِ[6] الأَمْوَاجِ، تَحْفِزُهُ الرِّیَاحُ بِأَذْیَالِهَا، وَ تَحْمِلُهُ عَلی أَهْوَالِهَا[7]. فَمَا غَرِقَ مِنْهَا فَلَیْسَ بِمُسْتَدْرَكٍ، وَ مَا نَجَا مِنْهَا فَإِلی مَهْلِكٍ.

عِبَادَ اللَّهِ، الآنَ[8] فَاعْمَلُوا، وَ الأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ، وَ الأَبْدَانُ صَحیحَةٌ، وَ الأَعْضَاءُ لَدْنَةٌ، وَ الْمُنْقَلَبُ[9] فَسیحٌ، وَ الْمَجَالُ عَریضٌ، قَبْلَ إِرْهَاقِ[10] الْفَوْتِ وَ حُلُولِ الْمَوْتِ.

[صفحه 206]

فَحَقِّقُوا[11] عَلَیْكُمْ نُزُولَهُ، وَ لاَ تَنْتَظِرُوا[12] قُدُومَهُ.

أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الدُّنْیَا لَیْسَتْ لَكُمْ بِدَارٍ، وَ لاَ مَحَلِّ قَرَارٍ، وَ إِنَّمَا أَنْتُمْ فیهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا فَأَنَاخُوا،

ثُمَّ اسْتَقَلُّوا فَغَدَوْا وَ رَاحُوا، دَخَلُوا خِفَافاً وَ رَاحُوا خِفَافاً، لَمْ یَجِدُوا عَمَّا مَضی نُزُوعاً، وَ لاَ إِلی مَا تَرَكُوا رُجُوعاً.

جُدَّ بِهِمْ فَجَدُّوا، وَ رَكَنُوا إِلَی الدُّنْیَا فَمَا اسْتَعَدُّوا، حَتَّی أُخِذَ بِكَظْمِهِمْ، وَ خَلَصُوا إِلی دَارِ قَوْمٍ جَفَّتْ أَقْلاَمُهُمْ، وَ لَمْ یَبْقَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ خَبَرٌ وَ لاَ أَثَرٌ.

قَلَّ فِی الدُّنْیَا لَبْثُهُمْ، وَ عُجِّلَ إِلَی الآخِرَةِ بَعْثُهُمْ، فَأَصْبَحْتُمْ حُلُولاً فی دِیَارِهِمْ، ظَاعِنینَ عَلی آثَارِهِمْ، وَ الْمَطَایَا تَسیرُ بِكُمْ سَیْراً، مَا فیهِ أَیْنٌ وَ لاَ تَفْتیر.

نَهَارُكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دَؤُوبٌ، وَ لَیْلُكُمْ بِأَرْوَاحِكُمْ ذَهُوبٌ.

فَأَصْبَحْتُمْ تَحُلُّونَ مِنْ حَالِهِمْ حَالاً، وَ تَحْتَذُونَ مِنْ مَسْلَكِهِمْ مِثَالاً، فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا وَ لاَ یَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ[13].

فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فیهَا سَفْرٌ حُلُولٌ، وَ الْمَوْتُ بِكُمْ نُزُولٌ، تَنْتَضِلُ فیكُمْ مَنَایَاهُ، وَ تَمْضی بِأَخْبَارِكُمْ مَطَایَاهُ، إِلی دَارِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ، وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسابِ[14].

فَ رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً[15] سَمِعَ حُكْماً فَوَعی، وَ دُعِیَ إِلی رَشَادٍ فَدَنَا، وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا.

رَاقَبَ رَبَّهُ، وَ خَافَ ذَنْبَهُ، وَ قَدَّمَ[16] خَالِصاً، وَ عَمِلَ صَالِحاً.

إِكْتَسَبَ[17] مَذْخُوراً، وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً.

[صفحه 207]

رَمی غَرَضاً، وَ أَحْرَزَ عِوَضاً.

كَابَرَ[18] هَوَاهُ، وَ كَذَّبَ مُنَاهُ.

حَذِرَ أَجَلاً، وَ رَتَّبَ عَمَلاً.

وَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً زَمَّ نَفْسَهُ مِنَ التَّقْوی بِزِمَامٍ، وَ أَلْجَمَهَا مِنْ خَشْیَةِ رَبِّهَا بِلِجَامٍ، فَقَادَهَا إِلَی الطَّاعَةِ بِزِمَامِهَا، وَ كَبَحَهَا عَنِ الْمَعْصِیَةِ بِلِجَامِهَا، رَافِعاً إِلَی الْمَعَادِ طَرْفَهُ، مُتَوَقِّعاً فی كُلِّ آنٍ حَتْفَهُ.

دَائِمَ الْفِكْرِ، طَویلَ السَّهَرِ.

عَزُوفاً عَنِ الدُّنْیَا سَئِماً، كَدُوحاً لآخِرَتِهِ مُتَحَافِظاً.

وَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَءاً[19] جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِیَّةَ نَجَاتِهِ، وَ التَّقْوی عُدَّةَ وَفَاتِهِ، وَ دَوَاءَ أَدْوَائِهِ، فَاعْتَبَرَ وَ قَاسَ، وَ تَرَكَ الدُّنْیَا وَ النَّاسَ.

یَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ وَ السَّدَادِ، وَ قَدْ وَقَّرَ قَلْبَهُ ذِكْرَ الْمَعَادِ[20].

رَكِبَ الطَّریقَةَ الْغَرَّاءَ، وَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَیْضَاءَ.

وَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً[21] اغْتَنَمَ الْمَهَلَ، وَ بَادَرَ الأَجَلَ، وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ، وَ طَوی مِهَادَهُ، وَ هَجَرَ وِسَادَهُ،

مُنْتَصِباً عَلی أَطْرَافِهِ، دَاخِلاً فی أَعْطَافِهِ، خَاشِعاً للَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، یُرَاوِحُ بَیْنَ الْوَجْهِ وَ الْكَفَّیْنِ.

خَشُوعٌ فِی السِّرِّ لِرَبِّهِ، لِدَمْعِهِ صَبیبٌ، وَ لِقَلْبِهِ وَجیبٌ.

شَدیدَةٌ أَسْبَالُهُ، وَ تَرْتَعِدُ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْصَالُهُ.

قَدْ عَظُمَتْ فیمَا عِنْدَ اللَّهِ رَغْبَتُهُ، وَ اشْتَدَّتْ مِنْهُ رَهْبَتُهُ، رَاضِیاً بِالْكَفَافِ مِنْ أَمْرِهِ.

یُظْهِرُ دُونَ مَا یَكْتُمُ، وَ یَكْتَفی بِأَقَلَّ مِمَّا یَعْلَمُ.

أُولئِكَ وَ دَائِعُ اللَّهِ فی بِلاَدِهِ، الْمَدْفُوعُ بِهِمْ عَنْ عِبَادِهِ.

لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ عَلَی اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لأَبَرَّهُ، أَوْ دَعَا عَلی أَحَدٍ لَنَصَرَهُ.

یَسْمَعُ اللَّهُ مُنَاجَاتَهُ إِذَا نَاجَاهُ، وَ یَسْتَجیبُ لَهُ إِذَا دَعَاهُ.

[صفحه 208]

جَعَلَ اللَّهُ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوی وَ الْجَنَّةَ لأَهْلِهَا مَأْوی.

دُعَاؤُهُمْ فیهَا أَحْسَنُ الدُّعَاءِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ[22].

دُعَاؤُهُمُ الْمَوْلی عَلی مَا أَتَاهُمْ: وَ آخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمینَ[23].


صفحه 205، 206، 207، 208.








    1. ورد فی الكافی ج 8 ص 150. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 22. و نهج السعادة ج 3 ص 192. و نهج البلاغة الثانی ص 54.
    2. التوبة، 33.
    3. ورد فی الكافی ج 8 ص 150. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 22. و نهج البلاغة الثانی ص 54.
    4. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 869.
    5. تقصفها. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 197. و نسخة الآملی ص 171. و نسخة ابن الحدید ج 10 ص 176. و نسخة عبده ص 449. و نسخة الصالح ص 310. و نسخة العطاردی ص 231. عن شرح فیض الإسلام.
    6. بطون. ورد فی متن شرح ابن الحدید ج 10 ص 176. و نسخة عبده ص 449. و نسخة الصالح ص 310. و نسخة العطاردی ص 231 عن شرح فیض الإسلام.
    7. أهوائها. ورد فی متن بهج الصباغة للتستری ج 8 ص 313.
    8. ألا. ورد فی نسخة نصیری ص 129.
    9. المتقلّب. ورد فی نسخة العام 400 ص 279. و نسخة الآملی ص 171. و هامش نسخة الأسترابادی ص 322.
    10. إزهاق. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 279. و نسخة الأسترابادی ص 322.
    11. فخفّفوا. ورد فی نسخة نصیری ص 129.
    12. لا تستبطؤوا. ورد فی
    13. لقمان، 33.
    14. ورد فی الكافی ج 8 ص 150. و مستدرك كاشف الغطاء ص 22. و مصباح البلاغة ج 2 ص 123 عن مجموعة ورّام. و نهج البلاغة الثانی ص 55. باختلاف یسیر.
    15. امرءا. ورد فی هامش نسخة نصیری ص 26. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 69. و متن شرح ابن أبی الحدید ج 6 ص 172.

      و نسخة عبده ص 179. و نسخة الصالح ص 103. و نسخة العطاردی ص 70 عن شرح فیض الإسلام.

    16. تنكّب. ورد فی الكافی ج 8 ص 151. و غرر الحكم ج 1 ص 410. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 23. و نهج البلاغة الثانی ص 55.
    17. كسب. ورد فی نسخة العطاردی ص 70 عن شرح الكیذری.
    18. كاثر. ورد فی
    19. ورد فی الكافی ج 8 ص 150. و غرر الحكم ج 1 ص 408 و 409. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 22. و مصباح البلاغة ج 2 ص 18 و 124 عن مجموعة ورّام. و نهج البلاغة الثانی ص 55. باختلاف یسیر.
    20. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 151.
    21. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 408.
    22. یونس، 10.
    23. یونس، 10. و وردت الفقرات فی الكافی ج 8 ص 151. و مستدرك كاشف الغطاء ص 23. و مصباح البلاغة ج 2 ص 18 عن كتاب زهر الآداب للحصرمی. و نهج البلاغة الثانی ص 55. باختلاف یسیر.